قاعة فارغة، طاولات فارغة، كراسي فارغة لكنها تملأ الأرجاء. كراسي مرمية تننشر في ساحة القاعة، قاعة لازالت تحتفظ بصدى أحاديث و صراخات تداولتها وجوه غابت عن الأنظار و كأنها لم تكن. نفحات ريح تصدر صفيرا عند اجتيازها للنوافذ المحطمة و روعة أرجل الكراسي و الطاولات ترسم لوحة شبيهة لسيقان أشجار تحتها أوراق متناثرة كأوراق الخريف.
حفيف يهدئ القلوب و يحير العقول، تداول كلام غامض يجري بين أغصان تميل، و أسئلة تتساقط وفق منظومات معقدة يستلزم منا تعيين رؤوس بدايتها من نهايتها الإنصات بفنية إلى نداء الوجود. هذا الأخير هو ما أستند إليه في جل كتابتي، ذاك الصمت عجيب أمره، يبدو لي كصخب في وضعية الهدوء نتج عن قضايا خمدت جراء تعاقب العقود، ثم سرعان ما يستيقظ من سباته جراء انفجار أمور سكت عنها الناس منذ زمان مضى..
أسرار تحتفظ بأسرارها في غياب من يتأمل.. فهل تغرد العصافير لغير الإنسان ؟
صراع بين المزاج الخير و المظلم، أفكار تقاتل نفسها وأحاسيس تحن إلى ماض سليم كانت تعرفه. بين الأخذ و الرد تكمل الأعماق سرد خباياها و بوجه مزدوج تصارع قدرها، و هل تمكن أحد من مواجهة حكمة السماء ؟
… قد تكون المسرة إلهاما أو قد يكون أمر ما إلهاما لكن بمجرد التحدث عن الإبداع تحضر المعاناة، فمن المؤكد أن نعاني ولو لفترة قصيرة جدا في فهم لوحة إبداعية تتحدث عن الفرح مثلا. طبعا فالمعاناة صيرورة، تتحدى كل العواقب و تصنع الكثير من الأمور البعيدة عن معنى المعاناة، كل تلك الأمور سرعان ما نعاني في فقدها و الافتراق معها…
0 التعليقات:
إرسال تعليق